إغتيــال ربانـي ومنظومــة القتــل الأميركيــة
د.نسيب حطيط
تسارعت وتيرة الاغتيالات في افغانستان من بن لادن الذي ادعت اميركا اغتياله ورمي جثته في البحر ،الى اغتيال برهان الدين رباني رئيس مجلس السلام في افغانستان ،الرئيس الاسبق واحد قادة المجاهدين ضد الغزو السوفياتي واحد قادة الحركة الاسلامية و اغتيال احمد شاه مسعود في 9 سبتمبر 2001 أي قبل يومين من تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001. ويعتقد أن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة المتحالف مع طالبان قام بإغتياله ، وكأن خطة اجتثاث القيادات الاساسية من الساحة السياسية الافغانية والتي تمثل ثقلا نوعيا على المستوى الشعبي واتخاذ القرارات والتزام الشعب الافغاني بها، لما تمثله من ثقل معنوي وتاريخ جهادي اسلامي، وكذلك من عمق عقائدي وفكري بعضها منفتح وبعضها غير مصنع اميركيا بالكامل، خاصة وان الرئيس الاميركي اوباما قد تعهد بسحب القوات الاميركية من افغانستان بحلول العام 2012 والظاهر ان عمليات الاغتيال تتم بقرار اميركي وتنفيذ متعدد الايدي تتصدره حركة طالبان ، مقدمة لرسم المشهد السياسي الافغاني بعد الانسحاب الاميركي وتتميز هذه الاغتيالات بالخصائص التالية:
- اغتيال الرئيس رباني والذي تبنته حركة طالبان والهادف لتصفية خصومها السياسيين في افغانستان قبل الإنسحاب الأميركي المحتمل ،ولإغتيال محاولات السلام الافغانية-الافغانية والتي تابع رباني تفاصيلها بين حركة طالبان والنظام الافغاني ممثلا بالرئيس قرضاي، ولا بد من الاشارة الى الانتماء القبلي لرباني(الطاجيك)والتي تمثل احد اركان النسيج الافغاني مع(البشتون ) والأوزبك مما يعني اشعال الثأر القبلي قبل الانسحاب وقطع خطوط التواصل بين الافغانيين بعد الانسحاب لإبقاء افغانستان ساحة صراع لا ينتهي ومصنعا لتصدير الاسلام المتطرف والدموي باتجاه باكستان الساحة المؤهلة اميركيا للفوضى بعد افغانستان ضمن المخطط الاميركي للقضاء على الاسلام كقوة ديمغرافية وعسكرية وحضارية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والاعلان الاميركي-الصهيوني الحرب على الاسلام كعدو اوحد وقادر على المواجهة في ظل غياب الصين وعدم استعادة روسيا لدورها الدولي.
- اغتيال بن لادن لانتفاء اسباب استمراريته بعد استغلاله في تجميع ما عرف بالافغان العرب لمقاتلة الغزو السوفياتي، وبعدما استطاع الاميركيون من خلاله بناء منظمة(القاعدة) كأحد فروع المخابرات الاميركية على الطريقة الاسلامية باستغلال سطحية وعواطف الشباب المسلم، فإن أميركا ليست بحاجة الان الى قيادة مركزية تضبط (فراخ القاعدة) التي انتشرت على مستوى العالم العربي والاسلامي وكلفت بتنفيذ مهام داخلية على مستوى كل بلد لاثارة الفتن المذهبية خاصة والطائفية عامة.
- اغتيال أحمد والي قرضاي رئيس المجلس الإقليمي في قندهار، الأخ غير الشقيق للرئيس الأفغاني حميد قرضاي قبل اغتيال رباني بشهرين ،وقد تبنت حركة طالبان عملية الإغتيال كرسالة للرئيس لقرضاي للحد من نفوذه في قندهار والساحة الأفغانية .
وفي قراءة هادئة نرى ان الاغتيالات طالت الاتجاهات والقوى الافغانية الثلاث ، القاعدة عبر اغتيال زعيمها بن لادن ،والنظام عبر اغتيال شقيق قرضاي والاتجاه الوسط باغتيال برهان الدين رباني في ظل المفاوضات القائمة في الكواليس او علانية بين الادارة الاميركية وحركة طالبان تحت عنوان القادة المعتدلين، ومن الطرافة ماحصل بين طالبان والأميركيين قبل عام تقريبا،حيث منيت القوات الدولية بخيبة أمل وإحراج كبيرين حينما اكتشفت وبعد بضعة أشهر من المحادثات مع من اعتقدت أنه الملا منصور القيادي في حركة طالبان، بأنها كانت تعيش وهماً، فالشخص الذي كانت تحاوره كان ينتحل شخصية الملا منصور ويعمل بقالا في مدينة كويتا الباكستانية، وأخذ من المال ما يكفي ليعيش حياة جديدة من أموال المجتمع الدولي التي خصصت لأفغانستان.
وقد اثمرت المفاوضات الثنائية على خط آخر،و ظهرت ثمارها السياسية(وفق ما تسرب في الاعلام)عن موافقة قطر وبإذن اميركي طبعا على السماح بافتتاح ممثليه لحركة طالبان في الدوحة مما يعني ان اميركا تريد الاتفاق مع الطرف الاقوى في افغانستان المتمثل بحركة طالبان لضمان مصالحها بعد الانسحاب، ولضمان موافقة طالبان والقاعدة لتسخير اذرعها وامتداداتها العسكرية في ليبيا وسوريا والعراق ومصر وغيرها، خاصة وان الدعم القطري للجناح الاسلامي المتطرف في ليبيا بدأت ملامحه بالظهور قبل تشكيل الحكومة وبناء نظام بديل لنظام القذافي.
ان الاحداث الافغانية تؤكد للجميع ان الادارة الاميركية كأنثى العنكبوت التي تلتهم زوجها بعد إنجاز لقاحها فتأخذ ما تريد وتؤمن استمرارية التناسل وتقضي على الزوج-الأداة،والمشكلة في اكثر العرب والمسلمين انهم لا يقرأون التاريخ ولا يأخذون العبرة ولا يحاذرون من النفاق والخداع الاميركي، فينسون كيف ترك الاميركيون عملائهم في سايغون ،وكيف تركوا حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس وكيف أذلوا صدام حسين في العراق وقبله شاه إيران الذي لم يعالجوا مرضه ،ويتدافع الملوك والأمراء والرؤساء لتنفيذ الادارة الاميركية، وآخرهم رجب أردوغان الذي لم يعرف معنى إقفال الأبواب الاوروبية أمام تركيا أكثر من اربعين عاما حتى تورمت أيدي الأتراك من طرق الابواب، فاستدار الى محيطه العربي والاسلامي ليهدد ويتوعد ويقدم تركيا قاعدة عسكرية لنشر الدرع الصاروخية لتأمين أمن إسرائيل، وينقل قيادة العمليات البرية للناتو من المانيا الى تركيا لتبييض وجهه كما اراد عزمي بشارة(عضو الكنيست الاسرائيلي) تبييض وجه قناة الجزيرة على حساب سوريا وشعبها.
الوعي والانتماء الوطني والحصانة العقائدية منظومة حماية الامة جماعات وأفراد والخسارة لمن يتمسك ويصدق الضمانة الاميركية بالحماية وأخر فصولها المخيبة للآمال خطاب الرئيس الاميركي اوباما في الامم المتحدة لنصرة اسرائيل ومنع قيام دولة فلسطين(المبتورة).
دعاؤنا لافغانستان بالتحرر... وللامة الاسلامية بالوحدة وللمسلمين الوعي.